بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 أبريل 2014

العاقر

وحين وطأت أقدامي مشارف المدينة الوادعة ، رأيت إمرأة خارجةً منها ،، تحث الخُطى إلى وادٍ قريب ، في طريقٍ لا يسلكه الناس عادةً . فأحسستُ أن في الامر ريبة ، قال أحمد .
فعزمت على مراقبتها من بعيد ، لأرئ الى اين هي ذاهبه ، فكمنت خلف صخرة ، وظننت بادي الأمر انها على موعدٍ غرامي ، او شيٌ من هذا القبيل .
كانت تمشي مسرعةً ، وتتلفت يمنةً ويسرة ، وحين وصلت الى قلب الوادي ، كانت هناك صخرة نابته من الأرض ، لا يظهر الا رأسها المسطح ، جلست فوقها ، غير مستقرة كمن ينتظر احداً .
وكان الفضول يجتاحني بطريقة مغولية لا ترحم ، غالبت نفسي وكادت ان تغلبني ، لولا أن رأيت رجلاً قادماً من بعيد يعرج ، ويتلفت كما كانت المرأة ،
ياللعجب !! قلتُ في نفسي ، فتلك إمرأة حسناء في ربيعها الثالث ، وهذا رجلٌ كهل ويعرج ، ومظهره مخيف ، فثيابه رثة ، ولحيته كثة !
وصل الرجل بعد دقائق ، وجلس على مقربةٍ من تلك المرأة على طرف الصخرة المسطحة ، وأخذا يتبادلان حديثاً لا يبدو شيّقاً ،
لم يطيلا الكلام ، ورأيت المرأة تنتصبُ واقفةً على عجالة ، فظننتها ستغادر المكان ، ولكنها تجردت من ملابسها تماماً ، فتراقصت كل شياطين الغريزة في جمجمتي ، فيما الأعرج المخيف لايزال جالساً ، يحدث نفسه ويلوّح بيديه في الهواء .
ظلت المرأة واقفةً لا شيء يسترها ، وفجأة بدت عليها علامات الإضطراب والهلع ، ورأيتُ الأعرج وكأنه يحاول أن يهدي من روعها ، كانت عيناها مصوبتين الى أسفل الوادي ، فحولتُ نظري إلى هناك ، يقول احمد ، لعلي أفهم سبب تلك الربكة ، وإذ بثعبانٍ عظيم كأنه قطعةً من الليل يقترب منهما ، ياللهول !! لم أكد أن أنطقها تماماً ووصل الثعبان ، الرجل الأعرج يجلس على ركبتيه ، ويكأنه يرحب بالضيف القادم ، ويوجهه إلى بُغيةٍ ما ، المرأة المذعورة لا تزال متسمرة في مكانها ، ترتجفُ ولكن لا تبدي أية مقاومة أو إعتراض ، هالني منظرها والثعبان يتسلقها من قدمها ، مروراً بفخذها ، حتى وصل إلى عنقها ، فآلتفّ حوله ، وبقيَ هنالك لبرهةٍ ، ثم نزل متمهلاً ،هذه المرة من ظهرها ، وعند وصوله منطقة الخصر ، إلتفّ ثلاثة لفاتٍ حوله ، ثم إنزلق ببطءٍ ليخرج من بينٍ فخذيها ويكمل طريقه نزولاً الى الأرض ، ومالبث لحظةً بعد ذلك ، اذ اختفى سريعاً في الاحراش القريبة ، تنفست المرأة الصعداء ، وكذلك فعلت ، وقام الرجل الأعرج ليغادر المكان بدوره .
جلست المرأة لبعض الوقت،تلملم شتاتها ، وكذلك لتطمئن أن الأعرج قد غادر المنطقة ، فلبست ثيابها وانطلقت مسرعةً ، عائدةً الى المدينة ، تتبعتها بعينيّ تارةً وبالركض تارةً أخرى ، حتى ولجت إحدى البيوت الراقية بواصفات ماقبل أربعين عاماً ، ظلّت تلك المشاهد العجيبة لا تفارق مخيلتي زمناً طويلاً ، ولم استطع البوح بها لأحد ، ولكنني بعد سؤالي عن تلك المرأة علمت أنها إمرأةٌ عاقر ، تزوجت مند بضعة سنين ولم تنجب ، وبالسؤال عن ذلك الأعرج الذي لا يفارق المسجد ، تبّين لي أنه معالجٌ لحالاتٍ مستعصية ، وله طرقٌ في ذلك لا تخطر على بالِ احد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم .. سأقوم بالرد لاحقا