بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 ديسمبر 2013

الـحُلم .. أبو النّجا

كنا في الثاني الإبتدائي ، كان الطلاب الأكبر منا سنّـاً يتبادولون فيما بينهم خبراً أن الأُستاذَ أبو النجا ربما يتأخر بضع أسابيع ، كانوا يتحدثون عنه بشوقٍ ولهفة ، وكان الفضولُ يدفعُنا لإستراق السمع ومشاركتهم الشوق لرؤيته وربما بدرجةٍ أكبرُ مما لديهم ، فنحنُ لم نكن نعرفهُ من قبل ، وكانت كثيرٌ من الأسئلةِ وعلاماتِ الإستفهام تجول في أذهاننا بخصوصِ أبو النجا .
إنتظرنا كثيراً وانتظر الآخرون كذلك ، وبعد مايُقاربُ الشهر ، عمّت البِشارةُ أرجاءِ مدرسةِ طوي آعتير ،فرحاً بقدومِ الأُستاذ أبو النجا ، وتسابقَ الطلابُ لملاقاتهِ لدى بابِ المدرسةِ يتقدمهم المديرُ والمعَلِمين .
وهاهي الإطلالةُ البهِيةُ المهيبةُ للأُستاذ القديرُ أبو النجا ، كانَ رجلاً في الخمسينات من عمره ، تبدو عليه ملامح الرجلُ المهيب الواثقُ ، تُنبِئُك نظراتهِ الحادة أنه ذو عزّةِ نفسٍ وكبرياء، وأنه رجلٌ قد مَرِسَ الحياةَ وخَبِرها جيداً .
كان محبوباً من قِبل الجميعِ كما بَدت لحظاتِ الإستقبال وحفاوةِ اللقاء .
نزلَ من السيارةِ التي كانت تُقلّه بلبسٍ أنيقٍ جداً ، وفي يدهِ عصاً غليضة ، ويعتَمِرُ طربوشاً أحمر ، وكأنه أتى من عصرِ محمد علي باشا .
لم تكن لطلابِ أبو النجا أحاديثٌ غيرَ سيرتهِ وأخبارِه ، وإرتياحهم وإعتزازِهم الشديدينَ كونهم طلابه .
تمنّينا أن تمضي الأيامُ سريعاً ونلتَحِقُ بالصّفِ الرابع ، لا لشيءٍ سوى أن نحضى بشرفِ الدراسةِ على يديّ الأُستاذُ أبو النجا ،
ولكن للأسفِ الشديدِ لم يتحقق لنا ذلك الحلم ، فقد غادرَ أبو النجا المدرسةِ قبلَ وصولنا إلى الصّفِ الرابع ، خيبةُ أملٍ لا تزالُ عالقَـةٌ في الذّاكرة .
تحيةٌ وود إلى الأُستاذ أبو النجا أينما كان ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم .. سأقوم بالرد لاحقا